الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (نسخة منقحة)
وَلَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى الْمُصَلِّي وَلَا لِلْمُصَلِّي أَنْ يَرُدَّ سَلَامَهُ بِإِشَارَةٍ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ أَمَّا السَّلَامُ فَلِأَنَّهُ يَشْغَلُ قَلْبَ الْمُصَلِّي عَنْ صَلَاتِهِ فَيَصِيرُ مَانِعًا لَهُ عَنْ الْخَيْرِ وَإِنَّهُ مَذْمُومٌ.وَأَمَّا رَدُّ السَّلَامِ بِالْقَوْلِ وَالْإِشَارَةِ فَلِأَنَّ رَدَّ السَّلَامِ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ النَّاسِ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الرَّدُّ بِالْإِشَارَةِ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ فَيَتَنَاوَلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الرَّدِّ وَلِأَنَّ فِي الْإِشَارَةِ تَرْكَ سُنَّةِ الْيَدِ وَهِيَ الْكَفُّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ فِي الصَّلَاةِ» غَيْرَ أَنَّهُ إذَا رَدَّ بِالْقَوْلِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ وَلَوْ رَدَّ بِالْإِشَارَةِ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّ تَرْكَ السُّنَّةِ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَلَكِنْ يُوجِبُ الْكَرَاهَةَ.(وَمِنْهَا) السَّلَامُ مُتَعَمِّدًا وَهُوَ سَلَامُ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ بِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ صَارَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ خَاطَبَهُمْ بِهِ وَكَلَامُ النَّاسِ مُفْسِدٌ.(وَمِنْهَا) الْقَهْقَهَةُ عَامِدًا كَانَ أَوْ نَاسِيًا؛ لِأَنَّ الْقَهْقَهَةَ فِي الصَّلَاةِ أَفْحَشُ مِنْ الْكَلَامِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَنْتَقِضُ الْوُضُوءَ وَالْكَلَامُ لَا يَنْقُضُ ثُمَّ لَمَّا جُعِلَ الْكَلَامُ قَاطِعًا لِلصَّلَاةِ وَلَمْ يَفْصِلْ فِيهِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ فَالْقَهْقَهَةُ أَوْلَى.وَمِنْهَا الْخُرُوجُ عَنْ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ حَالَ الِاخْتِيَارِ شَرْطُ جَوَازِ الصَّلَاةِ هَذَا كُلُّهُ مِنْ الْحَدَثِ الْعَمْدِ وَالْكَلَامُ وَالسَّلَامُ وَالْقَهْقَهَةُ وَالْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ إذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فَأَمَّا إذَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ إمَامًا خَلْفَهُ لَاحِقُونَ أَوْ مَسْبُوقُونَ وَسَوَاءٌ أَدْرَكَ اللَّاحِقُونَ الْإِمَامَ فِي صَلَاتِهِ وَصَلَّوْا مَعَهُ أَوْ لَمْ يُدْرِكُوا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَهْقَهَ أَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا وَهُوَ مُنْفَرِدٌ وَإِنْ كَانَ إمَامًا خَلْفَهُ لَاحِقُونَ وَمَسْبُوقُونَ فَصَلَاةُ الْإِمَامِ تَامَّةٌ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا وَصَلَاةُ الْمَسْبُوقِينَ فَاسِدَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ تَامَّةٌ.وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْقَهْقَهَةَ وَالْحَدَثَ لَمْ يُفْسِدَا صَلَاةَ الْإِمَامِ فَلَا يُفْسِدَانِ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي وَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي لَوْ فَسَدَتْ إنَّمَا تَفْسُدُ بِإِفْسَادِ الْإِمَامِ صَلَاتَهُ لَا بِإِفْسَادِ الْمُقْتَدِي لِانْعِدَامِ الْمُفْسِدِ مِنْ الْمُقْتَدِي فَلَمَّا لَمْ تَفْسُدْ صَلَاةُ الْإِمَامِ مَعَ وُجُودِ الْمُفْسِدِ مِنْ جِهَتِهِ فَلَأَنْ لَا تَفْسُدَ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي أَوْلَى، وَصَارَ كَمَا لَوْ تَكَلَّمَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَدَثِ الْعَمْدِ وَالْقَهْقَهَةِ وَبَيْنَ الْكَلَامِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ حَدَثَ الْإِمَامِ إفْسَادٌ لِلْجُزْءِ الَّذِي لَاقَاهُ مِنْ صَلَاتِهِ فَيَفْسُدُ ذَلِكَ الْجُزْءُ مِنْ صَلَاتِهِ وَيَفْسُدُ مِنْ صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ فَرْضٌ فَيُقْتَصَرُ الْفَسَادُ فِي حَقِّهِ عَلَى الْجُزْءِ وَقَدْ بَقِيَ لِلْمَسْبُوقِ فُرُوضٌ فَتَمْنَعُهُ مِنْ الْبِنَاءِ، فَأَمَّا الْكَلَامُ فَقَطْعٌ لِلصَّلَاةِ وَمُضَادٌّ لَهَا كَمَا ذَكَرْنَا فَيَمْنَعُ مِنْ الْوُجُودِ وَلَا تَفْسُدُ وَشَرْحُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْقَهْقَهَةَ وَالْحَدَثَ الْعَمْدَ لَيْسَا بِمُضَادَّيْنِ لِلصَّلَاةِ بَلْ هُمَا مُضَادَّانِ لِلطَّهَارَةِ وَالطَّهَارَةُ شَرْطُ أَهْلِيَّةِ الصَّلَاةِ فَصَارَ الْحَدَثُ مُضَادًّا لِلْأَهْلِيَّةِ بِوَاسِطَةِ مُضَادَّتِهِ شَرْطَهَا، وَالشَّيْءُ لَا يَنْعَدِمُ بِمَا لَا يُضَادُّهُ فَلَمْ تَنْعَدِمْ الصَّلَاةُ بِوُجُودِ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُضَادَّةَ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا تَنْعَدِمُ الْأَهْلِيَّةُ فَيُوجَدُ جُزْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ لِانْعِدَامِ مَا يُضَادُّهُ وَيَفْسُدُ هَذَا الْجُزْءُ لِحُصُولِهِ مِمَّنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ وَلَا صِحَّةَ لِلْفِعْلِ الصَّادِرِ مِنْ غَيْرِ الْأَهْلِ وَإِذَا فَسَدَ هَذَا الْجُزْءُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ فَتَتَعَلَّقُ بِهَا صِحَّةً وَفَسَادًا؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ لَمَّا فَسَدَ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَسَدَتْ التَّحْرِيمَةُ الْمُقَارِنَةُ لِهَذَا الْفِعْلِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِأَجْلِ الْأَفْعَالِ فَتَتَّصِفُ بِمَا تَتَّصِفُ الْأَفْعَالُ صِحَّةً وَفَسَادًا فَإِذَا فَسَدَتْ هِيَ فَسَدَتْ تَحْرِيمَةُ الْمُقْتَدِي فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ إلَّا أَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَمَنْ تَابَعَهُ مِنْ الْمُدْرِكِينَ اتَّصَفَتْ بِالتَّمَامِ بِدُونِ الْجُزْءِ الْفَاسِدِ.فَأَمَّا الْمَسْبُوقُ فَقَدْ فَسَدَ جُزْءٌ مِنْ صَلَاتِهِ وَفَسَدَتْ التَّحْرِيمَةُ الْمُقَارِنَةُ لِذَلِكَ الْجُزْءِ فَبَعْدَ ذَلِكَ لَا يَعُودُ إلَّا بِالتَّحْرِيمَةِ وَلَمْ يُوجَدْ فَلَمْ يُتَصَوَّرْ حُصُولُ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَرْكَانِ فِي حَقِّ الْمَسْبُوقِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ الْكَلَامِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُضَادٍّ لِأَهْلِيَّةِ أَدَاءِ الصَّلَاةِ بَلْ هُوَ مُضَادٌّ لِلصَّلَاةِ نَفْسِهَا، وَوُجُودُ الضِّدِّ لَا يُفْسِدُ الضِّدَّ الْآخَرَ بَلْ يَمْنَعُهُ مِنْ الْوُجُودِ فَإِنَّ أَفْعَالَ الصَّلَاةِ كَانَتْ تُوجَدُ عَلَى التَّجَدُّدِ وَالتَّكْرَارِ فَإِذَا انْعَدَمَ فِعْلٌ يَعْقُبُهُ غَيْرُهُ مِنْ جِنْسِهِ فَإِذَا تَعَقَّبَهُ مَا هُوَ مُضَادٌّ لِلصَّلَاةِ لَا يُتَصَوَّرُ حُصُولُ جُزْءٍ مِنْهَا مُقَارِنًا لِلضِّدِّ بَلْ يَبْقَى عَلَى الْعَدَمِ عَلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَنَا فِي الْمُتَضَادَّاتِ وَانْتَهَتْ أَفْعَالُ الصَّلَاةِ فَلَمْ تَتَجَدَّدْ التَّحْرِيمَةُ؛ لِأَنَّ تَجَدُّدَهَا كَانَ لِتَجَدُّدِ الْأَفْعَالِ وَقَدْ انْتَهَتْ فَانْتَهَتْ هِيَ أَيْضًا وَمَا فَسَدَتْ، وَبِانْتِهَاءِ تَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ لَا تَنْتَهِي تَحْرِيمَةُ الْمَسْبُوقِ كَمَا لَوْ سَلَّمَ فَإِنَّ تَحْرِيمَةَ الْإِمَامِ مُنْتَهِيَةٌ وَتَحْرِيمَةَ الْمَسْبُوقِ غَيْرُ مُنْتَهِيَةٍ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فَلَمْ تَفْسُدْ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِينَ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ.وَأَمَّا اللَّاحِقُونَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ أَدْرَكُوا الْإِمَامَ فِي صَلَاتِهِ وَصَلَّوْا مَعَهُ فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكُوا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ تَفْسُدُ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ لَا تَفْسُدُ هَذَا إذَا كَانَ الْعَارِضُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَعَلَى الْمُصَلِّي فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِعْلَهُ كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ مَاءً بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ أَوْ بَعْدَ مَا سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَعَادَ إلَى السُّجُودِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ صَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَهَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا وَذَكَرْنَا الْحُجَجَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي فَصْلِ التَّيَمُّمِ أُمِّيٌّ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ ثُمَّ تَعَلَّمَ سُورَةً فَقَرَأَهَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ، مَثَلُ الْأَخْرَسِ يَزُولُ خَرَسُهُ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ قَارِئًا فِي الِابْتِدَاءِ فَصَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ بِقِرَاءَةٍ ثُمَّ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ فَصَارَ أُمِّيًّا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ زُفَرُ: لَا تَفْسُدُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: تَفْسُدُ فِي الْأَوَّلَ وَلَا تَفْسُدُ فِي الثَّانِي اسْتِحْسَانًا.وَجْهُ قَوْلِ زُفَرَ أَنَّ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَقَطْ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَارِئَ لَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ أَجْزَأَهُ فَإِذَا كَانَ قَارِئًا فِي الِابْتِدَاءِ فَقَدْ أَدَّى فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَعَجْزُهُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ كَمَا لَوْ تَرَكَ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَإِذَا تَعَلَّمَ وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَقَدْ أَدَّى فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فَلَا يَضُرُّهُ عَجْزُهُ عَنْهَا فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا لَا يَضُرُّهُ لَوْ تَرَكَهَا.وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ فِي الْأَوَّلِ لَحَصَلَ الْأَدَاءُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ فَأُمِرَ بِالِاسْتِقْبَالِ.وَلَوْ اسْتَقْبَلَهَا فِي الثَّانِي لَأَدَّى كُلَّ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَكَانَ الْبِنَاءُ أَوْلَى لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا الْبَعْضَ بِقِرَاءَةٍ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِشَرْطِ الْعَجْزِ عَنْهَا فِي كُلِّ الصَّلَاةِ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْقِرَاءَةِ فِي بَعْضِهَا فَاتَ الشَّرْطُ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُؤَدَّى لَمْ يَقَعْ صَلَاةً؛ وَلِأَنَّ تَحْرِيمَةَ الْأُمِّيِّ لَمْ تَنْعَقِدْ لِلْقِرَاءَةِ بَلْ انْعَقَدَتْ لِأَفْعَالِ صَلَاتِهِ لَا غَيْرَ، فَإِذَا قَدَرَ صَارَتْ الْقِرَاءَةُ مِنْ أَرْكَانِ صَلَاتِهِ فَلَا يَصِحُّ أَدَاؤُهَا بِلَا تَحْرِيمَةٍ كَأَدَاءِ سَائِرِ الْأَرْكَانِ وَالصَّلَاةُ لَا تُوجَدُ بِدُونِ أَرْكَانِهَا فَفَسَدَتْ وَلِأَنَّ الْأَسَاسَ الضَّعِيفَ لَا يَحْتَمِلُ بِنَاءَ الْقَوِيِّ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةُ بِقِرَاءَةٍ أَقْوَى فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهَا عَلَى الضَّعِيفِ كَالْعَارِي إذَا وَجَدَ الثَّوْبَ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ وَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ، وَإِذَا كَانَ قَارِئًا فِي الِابْتِدَاءِ فَقَدْ عَقَدَ تَحْرِيمَتَهُ لِأَدَاءِ كُلِّ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَ فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ.وَلَوْ اقْتَدَى الْأُمِّيُّ بِقَارِئٍ بَعْدَ مَا صَلَّى رَكْعَةً فَلَمَّا فَرَغَ الْإِمَامُ قَامَ الْأُمِّيُّ لِإِتْمَامِ الصَّلَاةِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ فِي الْقِيَاسِ، وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا.وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّهُ بِالِاقْتِدَاءِ بِالْقَارِئِ الْتَزَمَ أَدَاءَ هَذِهِ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ حِينَ قَامَ لِلْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِي فَلَا تَكُونُ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ قِرَاءَةً لَهُ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ.وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ الْقِرَاءَةَ ضِمْنًا لِلِاقْتِدَاءِ وَهُوَ مُقْتَدٍ فِيمَا بَقِيَ عَلَى الْإِمَامِ لَا فِيمَا سَبَقَهُ بِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ بَنَى كَانَ مُؤَدِّيًا بَعْضَ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ وَلَوْ اسْتَقْبَلَ كَانَ مُؤَدَّيَا جَمِيعَهَا بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى.(وَمِنْهَا) انْكِشَافُ الْعَوْرَةِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ إذَا كَانَ كَثِيرًا؛ لِأَنَّ اسْتِتَارَهَا مِنْ شَرَائِطِ الْجَوَازِ فَكَانَ انْكِشَافُهَا فِي الصَّلَاةِ مُفْسِدًا إلَّا أَنَّهُ سَقَطَ اعْتِبَارُ هَذَا الشَّرْطِ فِي الْقَلِيلِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي قَلِيلِ النَّجَاسَةِ؛ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَكَذَلِكَ الْحُرَّةُ إذَا سَقَطَ قِنَاعُهَا فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ فَرَفَعَتْهُ وَغَطَّتْ رَأْسَهَا بِعَمَلٍ قَلِيلٍ قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّي رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَ أَنْ تَمْكُثَ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تُبْتَلَى بِذَلِكَ فَلَا يُمْكِنُهَا التَّحَرُّزُ عَنْهُ، فَأَمَّا إذَا بَقِيَتْ كَذَلِكَ حَتَّى أَدَّتْ رُكْنًا أَوْ مَكَثَتْ ذَلِكَ الْقَدْرَ أَوْ غَطَّتْ مِنْ سَاعَتِهَا لَكِنْ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ فَسَدَتْ صَلَاتُهَا لِانْعِدَامِ الضَّرُورَةِ، وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ إذَا أُعْتِقَتْ فِي خِلَالِ صَلَاتِهَا وَهِيَ مَكْشُوفَةُ الرَّأْسِ فَأَخَذَتْ قِنَاعَهَا فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْحُرَّةِ وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ رُءُوسَ هَؤُلَاءِ لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ عَلَى مَا يُعْرَفُ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ فَإِذَا أُعْتِقْنَ أَخَذْنَ الْقِنَاعَ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ خِطَابَ السَّتْرِ تَوَجَّهَ لِلْحَالِ إلَّا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ عَلَيْهَا السَّتْرَ مِنْ الِابْتِدَاءِ؛ لِأَنَّ رَأْسَهَا إنَّمَا صَارَ عَوْرَةً بِالتَّحْرِيرِ وَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَى الْحَالِ فَكَذَا صَيْرُورَةُ الرَّأْسِ عَوْرَةً بِخِلَافِ الْعَارِي إذَا وَجَدَ كِسْوَةً فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ حَيْثُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ عَوْرَتَهُ مَا صَارَتْ عَوْرَةً لِلْحَالِ بَلْ كَانَتْ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ السَّتْرَ كَانَ قَدْ سَقَطَ لِعُذْرِ الْعَدَمِ فَإِذَا زَالَ تَبَيَّنَ أَنَّ الْوُجُوبَ كَانَ ثَابِتًا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ يُصَلِّي فِي إزَارٍ وَاحِدٍ فَسَقَطَ عَنْهُ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَهُوَ جَوَابُ الِاسْتِحْسَانِ وَالْقِيَاسِ أَنْ تَفْسُدَ صَلَاتُهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ فَرْضٌ بِالنَّصِّ وَالِاسْتِتَارُ يَفُوتُ بِالِانْكِشَافِ وَإِنْ قَلَّ إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا الْجَوَازَ وَجَعَلْنَا مَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ عَفْوًا دَفْعًا لِلْحَرَجِ، وَكَذَلِكَ إذَا حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ وَهُوَ عُرْيَانُ لَا يَجِدُ ثَوْبًا جَازَتْ صَلَاتُهُ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ.وَلَوْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبٌ نَجِسٌ فَقَدْ ذَكَرْنَا تَفْصِيلَ الْجَوَابِ فِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ رُبُعٌ مِنْهُ طَاهِرًا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عُرْيَانًا وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ كُلُّهُ نَجِسًا فَقَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ فِي كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ فِيمَا تَقَدَّمَ.وَمِنْهَا مُحَاذَاةُ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ فِي صَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ يَشْتَرِكَانِ فِيهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَكُونَ الْمُحَاذَاةُ مُفْسِدَةَ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ، حَتَّى لَوْ قَامَتْ امْرَأَةٌ خَلْفَ الْإِمَامِ وَنَوَتْ صَلَاتَهُ وَقَدْ نَوَى الْإِمَامُ إمَامَةَ النِّسَاءِ ثُمَّ حَاذَتْهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا، وَعِنْدَهُ لَا تَفْسُدُ.وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ الْفَسَادَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ لِخَسَاسَتِهَا أَوْ لِاشْتِغَالِ قَلْبِ الرَّجُلِ بِهَا وَالْوُقُوعِ فِي الشَّهْوَةِ، لَا وَجْهَ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَكُونُ أَخَسَّ مِنْ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَمُحَاذَاتُهُمَا غَيْرُ مُفْسِدَةٍ؛ وَلِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى يُوجَدُ فِي الْمُحَاذَاةِ فِي صَلَاةٍ لَا يَشْتَرِكَانِ فِيهَا وَالْمُحَاذَاةُ فِيهَا غَيْرُ مُفْسِدَةٍ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الثَّانِي لِهَذَا أَيْضًا، وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُشَارِكُ الرَّجُلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَيَنْبَغِي أَنْ تَفْسُدَ صَلَاتُهَا أَيْضًا وَلَا تَفْسُدُ بِالْإِجْمَاعِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُحَاذَاةَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ غَيْرُ مُفْسِدَةٍ فَكَذَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ.وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَخِّرُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ» عَقِيبَ قَوْلِهِ «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا» وَالِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ بِالتَّأْخِيرِ صَارَ التَّأْخِيرُ فَرْضًا مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ فَيَصِيرُ بِتَرْكِهِ التَّأْخِيرَ تَارِكًا فَرْضًا مِنْ فَرَائِضِهَا فَتَفْسُدُ، وَالثَّانِي أَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّأْخِيرِ أَمْرٌ بِالتَّقَدُّمِ عَلَيْهَا ضَرُورَةً فَإِذَا لَمْ تُؤَخَّرْ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ فَقَدْ قَامَ مَقَامًا لَيْسَ بِمَقَامٍ لَهُ فَتَفْسُدُ كَمَا إذَا تَقَدَّمَ عَلَى الْإِمَامِ، وَالْحَدِيثُ وَرَدَ فِي صَلَاةِ مُطْلَقَةٍ مُشْتَرَكَةٍ فَبَقِيَ غَيْرُهَا عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ وَإِنَّمَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهَا؛ لِأَنَّ خِطَابَ التَّأْخِيرِ يَتَنَاوَلُ الرَّجُلَ وَيُمْكِنُهُ تَأْخِيرُهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَتَأَخَّرَ هِيَ بِنَفْسِهَا وَيَتَقَدَّمَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَكُنْ التَّأْخِيرُ فَرْضًا عَلَيْهَا فَتَرْكُهُ لَا يَكُونُ مُفْسِدًا، وَيَسْتَوِي الْجَوَابُ بَيْنَ مُحَاذَاةِ الْبَالِغَةِ وَبَيْنَ مُحَاذَاةِ الْمُرَاهِقَةِ الَّتِي تَعْقِلُ الصَّلَاةَ فِي حَقِّ فَسَادِ صَلَاةِ الرَّجُلِ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُفْسِدَ مُحَاذَاةُ غَيْرِ الْبَالِغَةِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهَا تَخَلُّقٌ وَاعْتِيَادٌ لَا حَقِيقَةُ صَلَاةٍ.وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالصَّلَاةِ مَضْرُوبَةٌ عَلَيْهَا كَمَا نَطَقَ بِهِ الْحَدِيثُ فَجُعِلَتْ الْمُشَارَكَةُ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ وَالْمُشَارَكَةُ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ تَكْفِي لِلْفَسَادِ إذَا وُجِدَتْ الْمُحَاذَاةُ، وَإِذَا عُرِفَ أَنَّ الْمُحَاذَاةَ مُفْسِدَةٌ فَنَقُولُ: إذَا قَامَتْ فِي الصَّفِّ امْرَأَةٌ فَسَدَتْ صَلَاةُ رَجُلٍ عَنْ يَمِينِهَا وَرَجُلٍ عَنْ يَسَارِهَا وَرَجُلٍ خَلْفَهَا بِحِذَائِهَا؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ تُحَاذِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ صَارُوا حَائِلِينَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ بِمَنْزِلَةِ أُسْطُوَانَةٍ أَوْ كَارَّةٍ مِنْ الثِّيَابِ فَلَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُحَاذَاةُ وَلَوْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَالْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ تُفْسِدَانِ صَلَاةَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ مَنْ عَلَى يَمِينِهِمَا وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِمَا وَمَنْ خَلْفَهُمَا بِحِذَائِهِمَا، وَالثَّلَاثُ مِنْهُنَّ يُفْسِدْنَ صَلَاةَ مَنْ عَلَى يَمِينِهِنَّ وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِنَّ وَثَلَاثَةٍ خَلْفَهُنَّ إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ قَالَ: الثِّنْتَانِ يُفْسِدَانِ صَلَاةَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ مَنْ عَلَى يَمِينِهِمَا وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِمَا وَاثْنَانِ مِنْ خَلْفِهِمَا بِحِذَائِهِمَا، وَالثَّلَاثُ يُفْسِدْنَ صَلَاةَ خَمْسَةِ نَفَرٍ مَنْ كَانَ عَلَى يَمِينِهِنَّ وَمَنْ كَانَ عَلَى شِمَالِهِنَّ وَثَلَاثَةٍ خَلْفَهُنَّ بِحِذَائِهِنَّ، وَفِي رِوَايَةٍ اثْنَتَانِ تُفْسِدَانِ صَلَاةَ رَجُلَيْنِ عَنْ يَمِينِهِمَا وَيَسَارِهِمَا وَصَلَاةَ رَجُلَيْنِ رَجُلَيْنِ إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ وَالثَّلَاثُ يُفْسِدْنَ صَلَاةَ رَجُلٍ عَنْ يَمِينِهِنَّ وَرَجُلٍ عَنْ يَسَارِهِنَّ وَصَلَاةَ ثَلَاثَةٍ ثَلَاثَةٍ إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُنَّ إذَا كُنَّ صَفًّا تَامًّا فَسَدَتْ صَلَاةُ الصُّفُوفِ الَّتِي خَلْفَهُنَّ وَإِنْ كَانُوا عِشْرِينَ صَفًّا.وَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ فَسَادَ الصَّلَاةِ لَيْسَ لِمَكَانِ الْحَيْلُولَةِ؛ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ إنَّمَا تَقَعُ بِالصَّفِّ التَّامِّ مِنْ النِّسَاءِ بِالْحَدِيثِ، وَلَمْ تُوجَدْ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْفَسَادُ بِالْمُحَاذَاةِ وَلَمْ تُوجَدْ الْمُحَاذَاةُ إلَّا بِهَذَا الْقَدْرِ.وَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَهُ أَنَّ لِلْمُثَنَّى حُكْمَ الثَّلَاثِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِمَامَ يَتَقَدَّمُ الِاثْنَيْنِ وَيَصْطَفَّانِ خَلْفَهُ كَالثَّلَاثَةِ ثُمَّ حُكْمُ الثَّلَاثَةِ هَذَا فَكَذَا حُكْمُ الِاثْنَيْنِ.وَجْهُ الْمَرْوِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ لَا تُحَاذِيَانِ إلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ فَلَا تُفْسِدَانِ صَلَاةَ غَيْرِهِمْ وَفِي الصَّفِّ التَّامِّ، الْقِيَاسُ هَكَذَا أَنْ تَفْسُدَ صَلَاةُ صَفٍّ وَاحِدٍ خَلْفَهُنَّ لَا غَيْرَ لِانْعِدَامِ مُحَاذَاتِهِنَّ لِمَنْ وَرَاءَ هَذَا الصَّفِّ الْوَاحِدِ إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا فَحَكَمْنَا بِفَسَادِ صَلَاةِ الصُّفُوفِ أَجْمَعَ لِحَدِيثِ عُمَرَ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ نَهْرٌ أَوْ طَرِيقٌ أَوْ صَفٌّ مِنْ النِّسَاءِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ» جَعَلَ صَفَّ النِّسَاءِ حَائِلًا كَالنَّهْرِ وَالطَّرِيقِ فَفِي حَقِّ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِنَّ مِنْ خَلْفِهِنَّ وُجِدَ تَرْكُ التَّأْخِيرِ مِنْهُمْ وَالْحَيْلُولَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ بِهِنَّ وَفِي حَقِّ الصُّفُوفِ الْأُخَرِ وُجِدَتْ الْحَيْلُولَةُ لَا غَيْرُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ بِانْفِرَادِهِ عِلَّةٌ كَامِلَةٌ لِلْفَسَادِ ثُمَّ الثِّنْتَانِ لَيْسَتَا بِجَمْعٍ حَقِيقَةً فَلَا يُلْحَقَانِ بِالصَّفِّ مِنْ النِّسَاءِ الَّتِي هِيَ اسْمُ جَمْعٍ فَانْعَدَمَتْ الْحَيْلُولَةُ فَيَتَعَلَّقُ الْفَسَادُ بِالْمُحَاذَاةِ لَا غَيْرَ وَالْمُحَاذَاةُ لَمْ تُوجَدْ إلَّا بِهَذَا الْقَدْرِ فَأَمَّا الثَّلَاثُ مِنْهُنَّ فَجَمْعٌ حَقِيقَةً فَأُلْحِقْنَ بِصَفٍّ كَامِلٍ فِي حَقِّ مَنْ صِرْنَ حَائِلَاتٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ فَفَسَدَتْ صَلَاةُ ثَلَاثَةٍ ثَلَاثَةٍ إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ وَفَسَدَتْ صَلَاةُ وَاحِدٍ عَنْ يَمِينِهِنَّ وَوَاحِدٍ عَنْ يَسَارِهِنَّ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْفَسَادَ بِالْمُحَاذَاةِ لَا بِالْحَيْلُولَةِ وَلَمْ تُوجَدْ الْمُحَاذَاةُ إلَّا بِهَذَا الْقَدْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.وَلَوْ وَقَفَتْ بِحِذَاءِ الْإِمَامِ فَأَتَمَّتْ بِهِ وَقَدْ نَوَى الْإِمَامُ إمَامَتَهَا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ كُلِّهِمْ أَمَّا صَلَاةُ الْإِمَامِ فَلِوُجُودِ الْمُحَاذَاةِ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقَةً مُشْتَرَكَةً.وَأَمَّا صَلَاةُ الْقَوْمِ فَلِفَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الرَّازِيّ يَقُولُ: لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهَا؛ لِأَنَّ الْمُحَاذَاةَ قَارَنَتْ شُرُوعَهَا فِي الصَّلَاةِ.وَلَوْ طَرَأَتْ كَانَتْ مُفْسِدَةً فَإِذَا اقْتَرَنَتْ مَنَعَتْ مِنْ صِحَّةِ اقْتِدَائِهَا بِهِ وَهَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّ الْمُحَاذَاةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي فَسَادِ صَلَاةٍ مُشْتَرَكَةٍ وَلَا تَقَعُ الشَّرِكَةُ إلَّا بَعْدَ شُرُوعِهَا فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ فَلَمْ يَكُنْ الْمُفْسِدُ مُقَارِنًا لِلشُّرُوعِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ الشُّرُوعِ، وَإِنْ كَانَتْ بِحِذَاءِ الْإِمَامِ وَلَمْ تَأْتَمَّ بِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاةُ الْإِمَامِ؛ لِانْعِدَامِ الْمُشَارَكَةِ، وَكَذَا إذَا قَامَتْ أَمَامَ الْإِمَامِ فَأَتَمَّتْ بِهِ؛ لِأَنَّ اقْتِدَاءَهَا لَمْ يَصِحَّ فَلَمْ تَقَعْ الْمُشَارَكَةُ، وَكَذَا إذَا قَامَتْ إلَى جَنْبِهِ وَنَوَتْ فَرْضًا آخَرَ بِأَنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الظُّهْرِ وَنَوَتْ هِيَ الْعَصْرَ فَأَتَمَّتْ بِهِ ثُمَّ حَاذَتْهُ لَمْ تُفْسِدْ عَلَى الْإِمَامِ صَلَاتَهُ وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ بَابِ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ شَارِعَةً فِي الصَّلَاةِ أَصْلًا فَلَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُشَارَكَةُ، فَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ بَابِ الْآذَانِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ شَارِعَةً فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ فَوُجِدَتْ الْمُحَاذَاةُ فِي صَلَاةٍ مُشْتَرَكَةٍ فَفَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَفَسَدَتْ صَلَاتُهَا بِفَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَعَلَيْهَا قَضَاءُ التَّطَوُّعِ لِحُصُولِ الْفَسَادِ بَعْدَ صِحَّةِ شُرُوعِهَا كَمَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الظُّهْرِ وَقَدْ نَوَى إمَامَتَهَا فَأَتَمَّتْ بِهِ تَنْوِي التَّطَوُّعَ ثُمَّ قَامَتْ بِجَنْبِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهَا وَعَلَيْهَا قَضَاءُ التَّطَوُّعِ فَكَذَا هَذَا وَقَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ قَبْلُ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا: الْجَوَابُ مَا ذُكِرَ فِي بَابِ الْآذَانِ، وَتَأْوِيلُ مَا ذُكِرَ فِي بَابِ الْحَدَثِ أَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يَنْوِ إمَامَتَهَا فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ فَتُجْعَلُ هِيَ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ بِنِيَّةِ الْعَصْرِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يَنْوِ إمَامَتَهَا أَصْلًا فَلِهَذَا لَا تَصِيرُ شَارِعَةً فِي صَلَاتِهِ تَطَوُّعًا.وَلَوْ قَامَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ يَقْضِيَانِ مَا سَبَقَهُمَا الْإِمَامُ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ.وَلَوْ كَانَا أَدْرَكَا أَوَّلَ الصَّلَاةِ وَكَانَا نَامَا أَوْ أَحْدَثَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْمَسْبُوقَيْنِ فِيمَا يَقْضِيَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حُكْمِ الْمُنْفَرِدِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ فَرْضٌ عَلَى الْمَسْبُوقِ، وَلَوْ سَهَا يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ فَلَمْ يَشْتَرِكَا فِي صَلَاةٍ فَلَا تَكُونُ الْمُحَاذَاةُ مُفْسِدَةَ صَلَاتِهِ، فَأَمَّا الْمُدْرِكَانِ فَهُمَا كَأَنَّهُمَا خَلْفَ الْإِمَامِ بَعْدُ بِدَلِيلِ سُقُوطِ الْقِرَاءَةِ عَنْهُمَا وَانْعِدَامِ وُجُوبِ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ عِنْدَ وُجُودِ السَّهْوِ كَأَنَّهُمَا خَلْفَ الْإِمَامِ حَقِيقَةً فَوَقَعَتْ الْمُشَارَكَةُ فَوُجِدَتْ الْمُحَاذَاةُ فِي صَلَاةٍ مُشْتَرَكَةٍ فَتُوجِبُ فَسَادَ صَلَاتِهِ.وَمُرُورُ الْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ وَالْكَلْبِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ أَصْحَابُ الظَّوَاهِرِ: يَقْطَعُ، وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَى أَبُو ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ مُرُورُ الْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ وَالْكَلْبِ» وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، «وَالْكَلْبِ الْأَسْوَدِ فَقِيلَ لِأَبِي ذَرٍّ: وَمَا بَالُ الْأَسْوَدِ مِنْ غَيْرِهِ؟ فَقَالَ أَشْكَلَ عَلَيَّ مَا أَشْكَلَ عَلَيْكُمْ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ»، وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ مُرُورُ شَيْءٍ وَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ».وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَوْا فَقَدْ رَدَّتْهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَإِنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةِ: «يَا عُرْوَةُ مَا يَقُولُ أَهْلُ الْعِرَاقِ؟ قَالَ: يَقُولُونَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ مُرُورُ الْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ وَالْكَلْبِ، فَقَالَتْ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ وَالنِّفَاقِ وَالشِّقَاقِ بِئْسَمَا قَرَنْتُمُونَا بِالْكِلَابِ وَالْحُمُرِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ وَأَنَا نَائِمَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ مُعْتَرِضَةٌ كَاعْتِرَاضِ الْجِنَازَةِ»، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَرْأَةِ نَصٌّ خَاصٌّ وَكَذَا فِي الْحِمَارِ وَالْكَلْبِ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ «كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَأَرَادَ ابْنُهَا عُمَرُ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَنْ قِفْ فَوَقَفَ ثُمَّ أَرَادَتْ زَيْنَبُ بِنْتُهَا أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَشَارَ إلَيْهَا أَنْ قِفِي فَلَمْ تَقِفْ فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: إنَّهُنَّ أَغْلَبُ».وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «زُرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَخِي الْفَضْلِ عَلَى حِمَارٍ فِي بَادِيَةٍ فَنَزَلْنَا فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فَصَلَّيْنَا مَعَهُ وَالْحِمَارُ يَرْتَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ»، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ يَمُرَّانِ بَيْنَ يَدَيْهِ.وَلَوْ دَفَعَ الْمَارَّ بِالتَّسْبِيحِ أَوْ بِالْإِشَارَةِ أَوْ أَخَذَ طَرَفَ ثَوْبِهِ مِنْ غَيْرِ مَشْيٍ وَلَا عِلَاجٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ»، وَقَوْلِهِ «إذَا نَابَتْ أَحَدَكُمْ نَائِبَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُسَبِّحْ فَإِنَّ التَّسْبِيحَ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقَ لِلنِّسَاءِ»، وَذُكِرَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ إذَا مَرَّتْ الْجَارِيَةُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ لِيَصْرِفَهَا لَمْ تُقْطَعْ صَلَاتُهُ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَفْعَلَ، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ أَيْ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْبِيحِ وَالْإِشَارَةِ بِالْيَدِ؛ لِأَنَّ بِإِحْدَاهَا كِفَايَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: أَيْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَتَأْوِيلُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ فِي وَقْتٍ كَانَ الْعَمَلُ فِي الصَّلَاةِ مُبَاحًا.وَمِنْهَا الْمَوْتُ فِي الصَّلَاةِ وَالْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ فِيهَا أَمَّا الْمَوْتُ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مُعْجِزٌ عَنْ الْمُضِيِّ فِيهَا.وَأَمَّا الْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ فَلِأَنَّهُمَا يَنْقُضَانِ الطَّهَارَةَ وَيَمْنَعَانِ الْبِنَاءَ؛ لِمَا بَيَّنَّا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ اعْتِرَاضَهُمَا فِي الصَّلَاةِ نَادِرٌ فَلَا يَلْحَقَانِ بِمَوْرِدِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ فِي جَوَازِ الْبِنَاءِ وَهُوَ الْحَدَثُ السَّابِقُ وَسَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ مُقْتَدِيًا أَوْ إمَامًا حَتَّى يَسْتَقْبِلَ الْقَوْمُ صَلَاتَهُمْ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَقُومُ الْقَوْمُ فَيُصَلُّونَ وُحْدَانًا كَمَا إذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ.وَمِنْهَا الْعَمَلُ الْكَثِيرُ الَّذِي لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَأَمَّا الْقَلِيلُ فَغَيْرُ مُفْسِدِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْكَثِيرُ مَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى اسْتِعْمَالِ الْيَدَيْنِ وَالْقَلِيلُ مَا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى ذَلِكَ حَتَّى قَالُوا: إذَا زَرَّ قَمِيصَهُ فِي الصَّلَاةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَإِذَا حَلَّ إزَارَهُ لَا تَفْسُدُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ عَمَلٍ لَوْ نَظَرَ النَّاظِرُ إلَيْهِ مِنْ بَعِيدٍ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَهُوَ كَثِيرٌ، وَكُلُّ عَمَلٍ لَوْ نَظَرَ إلَيْهِ نَاظِرٌ رُبَّمَا يُشْبِهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ فَهُوَ قَلِيلٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يُخَرَّجُ مَا إذَا قَاتَلَ فِي صَلَاتِهِ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْخَوْفِ أَنَّهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ لِمَا بَيَّنَّا، وَكَذَا إذَا أَخَذَ قَوْسًا وَرَمَى بِهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْقَوْسِ وَتَثْقِيفَ السَّهْمِ عَلَيْهِ وَمَدِّهِ حَتَّى يَرْمِيَ عَمَلٌ كَثِيرٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى اسْتِعْمَالِ الْيَدَيْنِ، وَكَذَا النَّاظِرُ إلَيْهِ مِنْ بَعِيدٍ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْأَدَبِ عَابُوا عَلَى مُحَمَّدٍ فِي هَذَا اللَّفْظِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَرَمَى بِهَا فَقَالُوا: الرَّمْيُ بِالْقَوْسِ إلْقَاؤُهَا مِنْ يَدِهِ وَإِنَّمَا يُقَالُ فِي الرَّمْي بِالسَّهْمِ رَمَى عَنْهَا لَا رَمَى بِهَا، وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنَّ غَرَضَ مُحَمَّدٍ تَعْلِيمُ الْعَامَّةِ وَقَدْ وَجَدَ هَذَا اللَّفْظَ مَعْرُوفًا فِي لِسَانِهِمْ فَاسْتَعْمَلَهُ لِيَكُونَ أَقْرَبَ إلَى فَهْمِهِمْ فَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ، وَكَذَا لَوْ ادَّهَنَ أَوْ سَرَّحَ رَأْسَهُ أَوْ حَمَلَتْ امْرَأَةٌ صَبِيَّهَا وَأَرْضَعَتْهُ لِوُجُودِ حَدِّ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ عَلَى الْعِبَارَتَيْنِ، فَأَمَّا حَمْلُ الصَّبِيِّ بِدُونِ الْإِرْضَاعِ فَلَا يُوجِبُ فَسَادَ الصَّلَاةِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ وَقَدْ حَمَلَ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ عَلَى عَاتِقِهِ فَكَانَ إذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ رَفَعَهَا» ثُمَّ هَذَا الصَّنِيعُ لَمْ يُكْرَهْ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُحْتَاجًا إلَى ذَلِكَ لِعَدَمِ مَنْ يَحْفَظُهَا أَوْ لِبَيَانِهِ الشَّرْعَ بِالْفِعْلِ إنَّ هَذَا غَيْرُ مُوجِبٍ فَسَادَ الصَّلَاةِ، وَمِثْلُ هَذَا فِي زَمَانِنَا أَيْضًا لَا يُكْرَهُ لِوَاحِدٍ مِنَّا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ أَمَّا بِدُونِ الْحَاجَةِ فَمَكْرُوهٌ.وَلَوْ صَلَّى وَفِي فِيهِ شَيْءٌ يُمْسِكُهُ إنْ كَانَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَلَكِنْ يُخِلُّ بِهَا كَدِرْهَمٍ أَوْ دِينَارٍ أَوْ لُؤْلُؤَةٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ شَيْءٌ مِنْ الرُّكْنِ وَلَكِنْ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْإِخْلَالَ بِالرُّكْنِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَا يُخِلُّ بِهِ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْقِرَاءَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ الرُّكْنُ، وَإِنْ كَانَ فِي فِيهِ سُكَّرَةٌ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ أَكْلٌ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي كَفِّهِ مَتَاعٌ يُمْسِكُهُ جَازَتْ صَلَاتُهُ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَمْنَعُهُ عَنْ الْأَخْذِ بِالرُّكَبِ فِي الرُّكُوعِ أَوْ الِاعْتِمَادِ عَلَى الرَّاحَتَيْنِ عِنْدَ السُّجُودِ يُكْرَهُ لِمَنْعِهِ عَنْ تَحْصِيلِ السُّنَّةِ وَإِلَّا فَلَا.وَلَوْ رَمَى طَائِرًا بِحَجَرٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ قَلِيلٌ وَيُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ.وَلَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي الصَّلَاةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِوُجُودِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا فَرْقٌ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ حَيْثُ كَانَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِي الصَّوْمِ نَاسِيًا غَيْرَ مُفْسِدٍ إيَّاهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يُفْصَلَ فِي بَابِ الصَّوْمِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ أَيْضًا لِوُجُودِ ضِدِّ الصَّوْمِ فِي الْحَالَيْنِ وَهُوَ تَرْكُ الْكَفِّ إلَّا أَنَّا عَرَفْنَا ذَلِكَ بِالنَّصِّ، وَالصَّلَاةُ لَيْسَتْ فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ الصَّائِمَ كَثِيرًا مَا يُبْتَلَى بِهِ فِي حَالَةِ الصَّوْمِ فَلَوْ حَكَمْنَا بِالْفَسَادِ يُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ فِي الصَّلَاةِ سَاهِيًا نَادِرٌ غَايَةَ النُّدْرَةِ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى مَوْرِدِ النَّصِّ فَيُعْمَلُ فِيهَا بِالْقِيَاسِ الْمَحْضِ وَهُوَ أَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ نَظَرَ النَّاظِرُ إلَيْهِ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ؟ وَلَوْ مَضَغَ الْعِلْكَ فِي الصَّلَاةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ كَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ إلَيْهِ مِنْ بَعْدُ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ التَّحْدِيدِ هُوَ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ حَيْثُ حَكَمْنَا بِفَسَادِ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ الْحَاجَةِ إلَى اسْتِعْمَالِ الْيَدِ رَأْسًا فَضْلًا عَنْ اسْتِعْمَالِ الْيَدَيْنِ.وَلَوْ بَقِيَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ شَيْءٌ فَابْتَلَعَهُ إنْ كَانَ دُونَ الْحِمَّصَةِ لَمْ يَضُرَّهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ فِي حُكْمِ التَّبَعِ لِرِيقِهِ لِقِلَّتِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى بَيْنَ الْأَسْنَانِ عَادَةً فَلَوْ جُعِلَ مُفْسِدًا لَوَقَعَ النَّاسُ فِي الْحَرَجِ وَلِهَذَا لَا يَفْسُدُ الصَّوْمُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْرَ الْحِمَّصَةِ فَصَاعِدًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ.وَلَوْ قَلَسَ أَقَلَّ مِنْ مِلْءِ فِيهِ ثُمَّ رَجَعَ فَدَخَلَ جَوْفَهُ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ رِيقِهِ وَلِهَذَا لَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ، وَكَذَا الْمُتَهَجِّدُ بِاللَّيْلِ قَدْ يُبْتَلَى بِهِ خُصُوصًا فِي لَيَالِي رَمَضَانَ عِنْدَ امْتِلَاءِ الطَّعَامِ عِنْدَ الْفِطْرِ فَلَوْ جُعِلَ مُفْسِدًا لَأَدَّى إلَى الْحَرَجِ.وَقَتْلُ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ لَا يُفْسِدُهَا لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اُقْتُلُوا الْأَسْوَدَيْنِ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي الصَّلَاةِ».وَرُوِيَ أَنْ عَقْرَبًا لَدَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ فَوَضَعَ عَلَيْهِ نَعْلَهُ وَغَمَزَهُ حَتَّى قَتَلَهُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْعَقْرَبَ لَا تُبَالِي نَبِيًّا وَلَا غَيْرَهُ أَوْ قَالَ مُصَلِّيًا وَلَا غَيْرَهُ» وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ لِيَفْعَلَ الْمَكْرُوهَ خُصُوصًا فِي الصَّلَاةِ وَلِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِدَفْعِ الْأَذَى فَكَانَ مَوْضِعَ الضَّرُورَةِ، هَذَا إذَا أَمْكَنَهُ قَتْلُ الْحَيَّةِ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَقْرَبِ.وَأَمَّا إذَا احْتَاجَ إلَى مُعَالَجَةٍ وَضَرَبَاتٍ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ كَمَا إذَا قَاتَلَ فِي صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا عَمَلٌ رُخِّصَ فِيهِ لِلْمُصَلِّي فَأَشْبَهَ الْمَشْيَ بَعْدَ الْحَدَثِ وَالِاسْتِقَاءَ مِنْ الْبِئْرِ وَالتَّوَضُّؤَ، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ إذَا عَمِلَهَا الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَأَمَّا فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ كَمَا فِي حَالَةِ الْخَوْفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
|